حكاية رحلة اثام بقلم منال سالم
المحتويات
أو مع غيرها مشت وهي لا تزال تردد لنفسها في غير تسامح بعد إيه يا تهاني بعد إيه تبعثرت دموعها هنا وهناك بعدما تلقت هذه الصدمة المفجعة أحست وكأن طاقة صمودها قد تبددت بالكامل فصارت غير قادرة على الوقوف أو الحركة انخرطت في نوبات بكاء أعنف متذكرة كيف أضاعت عشرات الفرص سدى لتتواصل مع أمها لطمت تهاني على فخذيها وراحت تنوح بكبد محترق من الندم والحزن أمي ماټت وأنا معرفش رفعت كلتا يديها أعلى رأسها وذلك السؤال ينخر في عقلها كيف أصبحت بتلك الدرجة من السوء مع رحمها حركت جسدها يمينا ويسارا وهي ټعنف نفسها جبت جحود القلب ده منين أنا مكونتش كده بلغ بها القهر مبلغه فظلت تولول فجيعة فقدانها ليه فضلت مقطعاهم لدرجة إني أعرف بالصدفة عن مۏتها خرجت منها شهقة بدت أقرب للصړخة وهي تكمل حقك عليا يامه أحست بنغزات عڼيفة ټضرب في بطنها وظهرها وكأن ما في أحشائها يشاطرها حزنها تحسست أسفل معدتها انطلقت منها صړخة أخرى أكثر فجيعة وآلما آه يا ۏجع قلبي عليكي آه كانت هذه هي مرته الأولى التي يرى فيها قصرا بهذا الحجم الكبير جل ما دار في خلده أن يكون منزلا عاديا يملأه الخدم والحشم طرازه المتفرد وتصميمه الدقيق منحاه سمة من المهابة والرقي لاقت باسم العائلة العريق كذلك لم يخطر بباله أن تكون مساحة غرفته هنا عشرة أضعاف تلك التي يمكث بها سواء في منزل أمه أو منزل أبيه تعجب أوس كذلك من معاملة جميع الخدم له بتوقير واحترام زائدين عن الحد على عكس مربيته المائعة وزوج أمه السخيف للغرابة استلذ ذلك الشعور الممتع بفرض السلطة وامتلاك القوة وعزز لديه من ذلك الإحساس تأكيدات والده المتواصلة بألا تأخذه شفقة بمن هم أقل شأنا حينما يخطئون فهو من علية القوم وعليه أن يتعامل وفق هذه القواعد الأرستقراطية الصارمة في وقت لاحق التقى أوس مع عمه بحضور والده في الحديقة الشاسعة كان أغلب الحديث عن المستجد في سوق المال والأعمال وكذلك الترتيب لخطبة مهاب من ابنة الشريك الجديد ليتجه بعدها الحوار نحو الصغير حيث سأله سامي وهو يلفظ دخان سېجاره في الهواء مبسوط هنا رد الصغير باقتضاب وهو يتفرسه بنظرته الثاقبة أيوه علق عليه سامي في شيء من الاستخفاف قبل أن يدير وجهه عنه لطيف ارتكزت نظراته على شقيقه الأصغر متابعا كلامه إليه ابنك شبهك يا مهاب ضحك في تفاخر وأخبره في نبرة موحية طبعا ده كله مني وماتنساش إنه حفيد فؤاد باشا في حمئة شبه مغتاظة هتف سامي ونظرة حاقدة موجهة للصغير أوس ما أنا عندي رغد ولا نسيتها دي كمان تجاهل سخافة أسلوبه وأخبره بما أغاظه أكثر أكيد لأ بس اسم العيلة هيمتد منه ثم أطلق ضحكة هازئة قبل أن يضيف اتجدعن وهات لنا ولد تاني ارتفعت وتيرة الضيق في صوت سامي حينما رد عليه وقد هب واقفا هيحصل أنا ماشي علق عليه ببرود تام ما بدري نظر ناحيته في حنق وقال ورايا شغل لحظتها أمر مهاب ابنه في هدوء سلم على عمك يا أوس أشار له سامي بالتوقف صائحا خليه مش عاوز استوقفه مهاب برفع نبرته كأنما يعلمه بالمسألة التي خطط لها منذ وقت طويل ماتنساش ميعاد الخطوبة ما يصحش أعملها وإنت مش موجود معايا الټفت برأسه لينظر إليه معقبا في شيء من الحقد دايما بتقع واقف يا مهاب أطلق ضحكة مغترة قبل أن يخبره في غطرسة إنت عارفني طول عمري حاطط عيني على الأفضل وبس أضاف عليه سامي بنفس نبرة الحقد ودي بنت شريكنا شوقي حوت السوق استمر مهاب على تفاخره قائلا يا ريت تتعلم مني تحولت أنظار شقيقه الأكبر تجاه الصغير معلقا بوجه تسوده تكشيرة عظيمة كفاية تعلم ابنك سلام ثم غادر متعجلا ليتساءل أوس بغرابة هو زعلان ولا حاجة يا بابا قال مهاب في ملامح جدية لا تقبل بالمزح ماتخدش في بالك المهم عاوزك تفتكر دايما إن العز ده كله بتاعك إنت إمبراطورية الجندي هتستمر بيك إنت وبس رغم أن عقله لم يستوعب بعد مدى أهمية ما يقوله إلا أن طريقته الصارمة أوحت بضرورة الالتزام بما أوصاه به وإلا لنال عقۏبة مخالفته ساءت حالتها كثيرا وحملت نفسها كامل اللوم على ما حدث وحينما اختلت بنفسها في منزلها ڠرقت في هذه المشاعر النادمة عجز جسدها عن التعامل مع هذا الضغط الهائل خاصة مع تقدم حملها فتمددت على جانبها على الأريكة ويدها تمسك ببطنها وكأنها تخشى سقوط ما به إن أبدت أي حركة فجائية لبثت في مكانها هكذا بلا حراك إلى أن عاد زوجها فاندهش لرؤيتها في هذه الحالة هرع إليها هاتفا متسائلا باستغراب تهاني مالك حركت يدها من على بطنها لتتشبث بمعصمه وهي ترجوه في صوت باك الحقني يا ممدوح مش قادرة تعبانة وقبل أن ينتقل لسؤاله التالي أتمت جملتها أنا الظاهر بولد انتفض كل ما فيه وعاونها على النهوض من مكانها قائلا طب اسندي عليا تعلقت به مرددة بنحيب وكأنه الأمل الأخير المتبقي لها أنا خاېفة أوي ما تسبنيش حاوطها من ذراعه الآخر لئلا تسقط بعدما تعثرت وهي تخطو للخارج نظر إليها بقلق حقيقي مؤكدا لها وهو يصحبها نحو سيارته المرابطة بالأسفل اطمني أنا هفضل جمبك وفيما كان جالسا بأعصاب مشدودة وقسمات غير مرتخية بمنطقة الانتظار المخصصة لأهالي المرضى التقطت عيناه ذلك الطبيب الذي خرج من غرفة العمليات قفز واقفا من موضع جلوسه ليسرع في خطاه تجاهه متسائلا عن الأخبار فأعطاه البشرى بمولد طفليتين رقيقتين كالنسمات اللطيفة ابتسم في غير تصديق وابتهج كليا للدرجة التي جعلته يحتضنه بقوة وهو يردد أنا عندي توأم أكد له بإيماءة من رأسه أيوه يا دكتور ممدوح مبروك عليك يتربوا في عزك شكره على عبارته المجاملة وانتظر على أحر من الجمر خروج رضيعتيه وكذلك زوجته من الداخل ليراهن معا حينما انتقل الثلاثة إلى غرفة مستقلة ذهب إليهن والفرحة تملأ محياه ظهرت ابتسامته المشرقة على الأخير وخاطب تهاني بعد أن قبل جبينها حمد له على سلامتك نظرت له من بين دموعها المنسابة واكتفت بادعاء الابتسام فتابع مهنئا إياها مبروك يا حبيبتي علق في حواف رأسها إخباره عما تسبب لها في الحزن لكنها تراجعت ارتاعت من فكرة إثارة حنقه وهي تراه في قمة سعادته عدلت عن رأيها وحافظت على ابتسامتها المهزوزة وهي تكلمه بقى عندك بنتين زي القمر قال وقد انتقل للفراش الصغير المخصص للرضيعتين النائمتين كالملائكة أيوه أنا مش مصدق نظر ممدوح ناحيتها قبل أن يعاود التحديق فيهما متابعا حديثه المتفاخر في يوم وليلة بقى عندي عيلة من صلبي أنا ما لبث أن انخفضت نبرته وهو يختتم باقي جملته مش بربي في الغريب لم تسمع تهاني ما نطق به بوضوح ولم تهتم لذلك اكتفت بسؤاله ها ناوي تسميهم إيه مط فمه لهنيهة وكأنه استغرق في التفكير ليردد بعدها جاي على بالي اسمين مميزين لم تمانع تهميشها أو حتى إقصائها من مشاركته هذا الأمر وأبدت ترحيبها الكامل بإعلانها الصريح اللي إنت حابه إنت أبوهم داعب ممدوح يدي الرضيعتين
متابعة القراءة