حكاية رحلة اثام بقلم منال سالم
المحتويات
في الأريكة فأكملت بنبرة متهكمة ومغلفة بالمرارة أنا دلوقتي أحسن مافيش خوف مني حمحم قائلا بهدوء وعيناه مرتكزان عليها تماما ليرى ردة فعلها دي وصية مهاب سألته في تحفز مصحوب بالضيق ليه معينك الحارس الخاص استمتع برؤيتها تبدي التعبير الذي أراده ثم أجابها باسما وهو يرفع حاجبه للأعلى قليلا ممكن تقولي حاجة زي كده ولو إني أفضل إنك تعتبريني ملاكك الحارس كررت كلمته الأخيرة في استنكار ملاك هز رأسه إيجابا فأخبرته بتهكم ممزوج بالإهانة أنا مشوفتش هنا إلا شياطين وبس وكأنها أعطتهما الوصف الملائم لشخصيهما الوضيعين فسألها متغاضيا عما فاهت به سيبك من ده وقوليلي عاملة إيه دلوقتي أغمضت عينيها للحظة وأجابتها في صوت شبه حزين وآسف زي ما أنا خسړت أحلامي وبقيت محپوسة هنا بين أربع حيطان ساد وجهه علامات المكر وسألها في تعاطف خبيث ليه بس ما إنتي تقدري تخرجي وتروحي أي مكان طالما أنا معاكي فيه حدجته بهذه النظرة الغريبة فتابع على نفس المنوال ولو حابة ترجعي شغلك تاني مافيش أي مشكلة قالت بغير اقتناع شغلي قال مؤكدا لها عن ثقة عجيبة أيوه فرصة تلهي نفسك في حاجة بدل الفراغ الكبير اللي إنتي فيه وخصوصا إني زعلت لما عرفت إنك سبتي دراستك مكانش لازم تعملي كده تعمد إثارة هذا الموضوع مرة ثانية بداخلها ليزيد من كراهيتها له ونجح ببساطة في مسعاه تبدلت تعبيراتها للوجوم وهتفت في ضيق قد ملأ صدرها شوفتني كنت موافقة يعني ادعى اهتمامه بأمرها فاعتذر في التو أنا أسف المفروض أفهم إنه كان ڠصب عنك عموما المهم عندي دلوقتي إنك تكوني بخير وقتئذ طالعته تهاني مطولا بشيء من الحيرة والتخبط خاصة مع سوء اختيارها وتبعات ذلك وفهم ممدوح ذلك من نظراتها إليه فبات شبه واثق من الدرب الذي سيسلكه لإفساد راحة رفيقه سعل سعلة حرجة آلمت حلقه فأشار بيده للممرضة المرابطة بجوار فراشه لتأتي له بالماء ساعدته على شرب القليل ثم أراح رأسه على الوسادة وهو يحدق أمامه لينظر إلى ابنه وهو حمدلله على السلامة يا باشا لم ينبس السيد فؤاد بشيء فعاتبه ابنه بودية حذرة كده تقلقنا عليك عندئذ لامه والده بوجه مكفهر يعني مش عارف أنا تعبت من إيه سلط مهاب عينيه على الممرضة ليشير لها بالانصراف دون أن يفوه بكلمة امتثلت لأمره غير المنطوق وغادرت الغرفة في هدوء تام ليقترب بعدها من فراش أبيه متحدثا إليه بابتسامته المعهودة اطمن يا فؤاد باشا أنا عمري ما أخذلك سأله في استعتاب غليظ وجوازتك الخايبة دي تسميها إيه سحب مهاب المقعد ليضعه على مقربة منه جلس عليه وأخبره بكلمات شبه موحية راجل ومتغرب وعايش لواحدي يعني محتاج واحدة تشوف طلباتي ضاقت عينا فؤاد بغير رضا ومع ذلك أنصت لابنه وهو يوضح له أسبابه باستفاضة وأنا قاصد أتجوز واحدة كده مقطوعة من شجرة تكون تحت رجلي وفي أي لحظة أقدر أرميها من غير مشاكل ولا ۏجع دماغ ده غير إني عاوز أجبر بيها واحدة في دماغي من صفوة زوى ما بين حاجبيه سائلا واسم العيلة أكد له بما لا يدع مجالا للشك اطمن محفوظ وعمري ما اسمح لحد يلطخه ولو عاوزني أطلقها في لحظة هعمل كده أبقى والده على صمته ولم يعلق بشيء مما دفع ابنه للتأكيد مرة ثانية عليه كلها مصالح وأنا فاهم بعمل إيه كويس ثم مد يده ليمسك بكفه ضغط عليه برفق وطلب منه بحذر المهم عندي ماتتعبش نفسك دلوقتي وترتاح من الناحية الأخرى وعلى مقربة منهما تلصص سامي عليهما في حيطة ليعرف ما الذي يدور بينهما من ورائه امتلأ صدره بالغل والحقد وهو يرى كيف استطاع خداع أبيه وجعله يتخذ عرفت تضحك عليه تاني طب أعمل إيه عشان أكسبه في صفي قبل أن تتشبث برأيها وتحلق خلف أحلامها كانت مدركة للهوة العميقة التي وجدت بينها وبين عائلتها ومع ذلك اشتاقت كثيرا لنزاعهما الخالي من أي مكائد ففي الأخير لم تقم والدتها ستحظى بنعيم الدنيا ومتعها وفي النهاية سقطت في قعر الچحيم كم ودت لو هاتفتها وأطلعتها على ما مرت به لكنها خشيت من عتابها القاسې تراجعت عن رغبتها تلك وانخرطت في همومها ملازمته لها خلال هذه الفترة أفادها إلى حد ما وهونت عليها الكثير بالرغم من إنكارها للتصريح بذلك علنيا أثرت الاحتفاظ بما تشعر به لنفسها تجنبا لأي مشاكل قد تطرأ من لا المسارح انتظرت رفع الستار لمشاهدة العرض الاستعراضي لإحدى فرق الأداء القادمة من الخارج كانت جالسة في الصفوف الأمامية في المنطقة المخصصة لأهم الضيوف لم تشعر ككل مرة بالفخر والغبطة بل بدت مشاعرها فاترة مشوبة بالضيق نظرت حولها في غير مبالاة إلى أن تكلم ممدوح فجأة وهو يمد يده بعلبة ما صغيرة الحجم مغلفة بورق مفضض اتفضلي سألته وهي تتناولها منه إيه دي احتفظ بابتسامته الهادئة وهو يخبرها هدية بسيطة اندهشت من الأمر وسألته مستفهمة وهي تحرك يدها بها في مناسبة معينة أجابها في بساطة شديدة جعل داخلها يرتبك تحيرا لأ بس أنا كنت حابب أجيبلك حاجة تفرحك ترددت في أخذها منه وقالت بحرج وهي تعيدها إليه شكرا مكانش ليها داعي أصر عليها بملامح جادة هزعل جدا
متابعة القراءة