قصة الشبح
وحفيف الأوراق أضاف ارتعاشة لا إرادية من صوته والجو أكثر رطوبة فجعل القشعريرة تظهر فوق جلد ساعديها مسحت مجال رؤيتها بنظرات متتابعة سريعة وتسلل إلى مسامعها صوت مربيتها تنادي باسمها فنفضت عنها كل شيء وهزت رأسها تتدارك الموقف وشعرت بشيء يتحرك حولها يطن كخلية نحل ذهابا وإيابا بسرعة مبالغ فيها قالت بصوت عال
كشفت يدها وفتحت كفيها فظهر فيهما البسكويت والشيكولاتة وعادت تقول
_ انظر ماذا أحضرت لك لا تخف ولا تخفي نفسك.
صمتت وسكت الصوت لثانيتين ثم قالت بصوت يرتعش
_ لا تخيفني أرجوك.
ومن خلفها ظهر رجل والنحل يحاوطه فانتبهت في ذعر فمد يده تجاهها صړخت وركضت دون هدى ركضت حتى كادت أن ټنفجر ساقيها وأخيرا وصلت إلى مخرج من الغابة فوجدت شيء متكوم تحت ربوة الشيء الذي رسمته بكل تفاصيله آنسته دنت منه فقالت تسأله
قال مكلوما
_ الشبح المنبوذ
قالت في دهشة
_ ومن صاحب النحل
قال وقد رفع وجهه فأبصرت ميسليا وجه لطيف عينيه تتلألأ بالدموع
_ رجل يريد القبض علي
فسألته
_ ولماذا يريد القبض عليك
قال بعد أن تنهد
_ لأن الجميع يريد أن يكون له السبق ويقبض على الشبح المنبوذ وأني رحلت تاركا كل شيء لأجل أن يتركونني وشأني فلم أفلح فتتبعونني واحد تلو الآخر.
ابتسم وقال
_ لن يستطيع أنا الآن احتمي بك أنا داخلك يا ميلسيا.
ومد يده وفتح كفيها واللذان قد طبقتهما وهي تجري خوفا فأخذ ما تبقى من البسكويت والشيكولاتة فقد سقط معظمهم من ركضها أكل منهم ومسح دمعه وقال
_ الناس يا ميلسيا هم من يختلق الأشباح منهم من ينسج شبحا ېخاف منه ومنهم من ينسج شبحا يصاحبه ومنهم من ينسج شبحا ليمارس عليه قوته.
دخل أبوها يحمل كوبا من اللبن الساخن وضعه أمامها ثم لفت نظره الرسمة وكلمات ابنته عليها أمسك بها يتفحصها وقال في هدوء
_ أحب كتاباتك ورسمك
أحب أن تصنعي عالمك دون خوف وأن تواجهي كل شيء بإرادة وعزم.
فسألته
_ أرأيت في صغرك غفوة ما يا أبي
_ وهل منا من لم يحظى بغفوة يا ميلي بالطبع غفوت وتخيلت الشبح في الغابة البعيدة و ..
قطعت حديثه وقالت
_ أرأيته! رأيت رجل النحل والشبح المسكين
ضحك وقال وهو ينهض
_ نعم لقد رأيتهما إن الإنسان في معظم الوقت يكون أسوأ من الأشباح فإذا تخيلنا أن الأشباح سيئون فهذا لن يتعدى الخيال أبدا أما الواقع فلا أشباح تسكنه بل الناس الناس فقط.